خاطرة إلى نبض قلبي الغائب خواطر حزينة - أنامل عربية

 سنة الله في خلقه أن يغيب عنا من نحب، وقتها تنساب الدموع وينفطر القلب، ليس جزعا أو اعتراضا، فلتكن مشيئة الله على خلقه دوما، لكننا بشر تحن قلوبنا و تحزن أرواحنا، العين تدمع والقلب يحزن ولا ننطق إلا بما يرضي الرب.

خاطرة إلى نبض قلبي الغائب

خاطرة إلى نبض قلبي الغائب- خاطرة عن الفقد
إلى الغائب 


أحقا لن أراك مجددا؟

أحقا غبت عني إلى الأبد؟

باتت التساؤلات تطاردني، أحاول جاهدة ألا أجيب، إذ أن الإجابة مؤلمة تسحق القلب والروح، كلماتي مبعثرة ضائعة بها شتات لم أعهده قط، ربما هي انعكاس لقلبي المحطم وروحي التائهة.

الألم الذي يغشى الروح والقلب بعد فقد من تحب لا يقتل، لكنه مثل السم الرعاف يتسلل في جنبات القلب فيطفئها و يُظلم الروح إلى الأبد.

طال غيابك يا نبض قلبي، ثلاثون صباحٍ كاملة مرت عليَّ دون أن أراك أتلهف إلى أن تهاتفني وأرى صورتك على شاشة هاتفي، على الرغم من افتقادي الشديد صوتك الحنون إلا أنني مازلت أسمعه يتردد في نفسي و قلبي.

اسمع اسمي بصوتك واستحضر صورتك، عندها أطمئن وأتخيل أنك عدت واحتضنتني بقوة وربت على كتفي وطلبت مني أن أهدأ، لكن سرعان ما يتلاشى طيفك ويضيع صوتك ولا أجد سوى انسياب الدموع لتعبر عما في نفسي من مرارة واشتياق.

اقرأ ايضا قصة قاضي القضاة يأمر بقتل النساء

خاطرة إلى نبض قلبي الغائب - الحنين 

خاطرة إلى نبض قلبي الغائب- خواطر حزينة
حنين

ما بال الحياة أظلمت من بعدك يا أبي فلم أعد أتبين الطريق، تمر أيامي المتثاقلة ببطء شديد، أشتاق لتلك الأوقات التي كنت تحدثني فيها عن أيام شبابك وصولاتك وجولاتك كنت أضحك بشدة وانصت لكل كلمة واتخيل تلك المواقف، لطالما شعرت دوما بأنك تحن بشدة لعهد صباك وأصدقاء طفولتك.

أتذكر كل الأمسيات التي تزينت بالقصص التي رويتها لي واستحضرها، أذكر أنك رجوتني دوما أن أقدر نفسي ولا أبخسها قدرها، لكم أتمنى الآن لو طال الزمن ولم تنتهي تلك اللحظات الرائعة.

شاهد فيديو إلى فقيدتي المتوفية 

إذا مرضت كنت تحزن لأجلي وتسهر بجواري ويجافيك النوم ولا تهدأ إلا إذا أخبرتك أنني بخير وأتماثل للشفاء، أثناء الدراسة كنت تحثني على الجد والتفوق والمثابرة، لم تفرق في المعاملة بيننا ولم تميز أحد بل الكل سواسية لا فرق بين ولد وفتاة، لكن اعترف أنك كنت تدللني وأخواتي البنات وتقربنا منك وتقف دوما في صفنا.

خاطرة إلى نبض قلبي الغائب - الشوق 

خاطرة إلى نبض قلبي الغائب - مشاعر
الشوق

اعترف أني كنت مشاغبة أحيانا وأستفسر كثيرا وألح في السؤال، أتقبل بصدر رحب آرائك أحيانا وأعترض أحيانا أخرى، لكنك كنت دوما سندي و ملاذي، صدقا لم أكن أخش شيئا لأني أعلم بأنك جواري، إذا تبين خطأي لم أكن أكترث لأنني متيقنة أنك سوف تصلح برحابة صدر ما أفسده طيشي واندفاعي.

لم نكن هذا البيت الجامد الذي يحرص على المثالية ويعشق التظاهر، كنت تحرص دوما على أن نكون كما نحن بلا تزييف أو مبالغة، تعلمت فن الطهو منك، لأننا اعتدنا أن نراك يوم العطلة في المطبخ تبدع أشهى الأطباق وكنت تحرص أن أكون المساعدة لك وتطلب مني ألا أتكاسل.

لم أذق في حياتي أطباقا شهية مثل التي كنت تصنعها يا أبي، وسامحني لقد كنت أتعاطف مع أمي وأصوت لصالحها جبرا لخاطرها، لكن في حقيقة الأمر أطباقك كانت دوما أشهى وألذ.

لم أصادف في حياتي روحا نقية مثل روحك كنت تتمنى الخير للجميع وتتألم إذا رأيت أحد في شدة وتقدم العون بما تستطيع. لم أسمعك مغتابا لأحد بكل كنت تحرص على تقديم  النصيحة بقلب صافٍ. جعلت راحة الأسرة هدفك الأول فأثقلنا كاهلك دوما بمشاكلنا واهتماماتنا، لكنك كنت تقابل كل هذا بروح طيبة وابتسامة حانية، كنت تقسو حينا إذا رأيت تقاعسا منا لكنك سرعان ما تصفح وتعاود النصيحة ولا تكل ولا تمل تمنيت دوما أن نكون الأفضل.

ليلة لا تنسى بصحبة من تحب

خاطرة إلى نبض قلبي الغائب - وجع
وجع

أتذكر يوم اصطحبتني معك لصلاة القيام في أحد الليالي الرمضانية، وعندما سمعتك تؤم المصلين كدت أقفز من شدة الفرح، لقد كان صوتك شجيا لامس روحي و قلبي وعندما دعوت في الوتر كانت آمين تهز أعماقي، عقب انتهاء الصلاة أخبرتُ جميع النساء بفخر في المصلى أنني ابنة الإمام، فأقبلن نحوي يسألن عنك ويطلبن مني أن أقرؤك السلام. 

أذكر كذلك يوم فتحت المسجد خصيصا لي ما بين صلاة الظهر والعصر وطلبت مني أن أصلي فيه، تعجبت وقلت لك جعلت كل الأرض مسجدا وطهورا، لكنك أصريت فامتثلت وما أن رفعت يدي لتكبيرة الإحرام حتى عم السلام والسكينة قلبي ونفسي وشعرت بتوازن نفسي لا مثيل له، حينها علمت سبب مكوثك الطويل في المسجد.

طيب الله ثراك يا نبض قلبي رحلت مسرعا لم أتمكن من وداعك كما ينبغي، بت أعشق القبور لأنها تضمك لم أعد أخشاها، أجلس إلى قبرك في هدوء وأتمنى أن تشعر بوجودي، لقد افتقدت الحنان والعطف برحيلك عني، لم أعد صلبة بل أصبحت مثل ورقة الشجر الذابلة التي تجري بها الريح في مكان سحيق. 

لم تجف دموعي قط منذ غيابك، مع أني بت أتظاهر بالثبات والتخطي، لكن جرح قلبي غائر هذه المرة يا أبي لن تداويه الأيام. احتضن وسادتك دائما لكي أشعر بالطمأنينة وأتلمس كتبك وأشيائك، وانظر إلى صورك وأطيل النظر فيها علها تعوضني عن دفء كلماتك، لكن لا شئ يعوضني البتة.

 اختفت البهجة من أركان البيت وحل مكانها الفقد والحرمان. ما بالي يا أبي لا أطيق العيش بعدك وتساوت لدي الأيام. خذلني قلمي عدة مرات وكأنه قد انكسر بعدك، مثل قلبي، في حياتك كتبت بعزم دون توقف كمن يعزف على أوتار حانية، كنت أشعر بالأمان كأني طائر حر طليق لا يهاب الارتفاع في الفضاء الواسع.

 اليوم أشعر أنني بلا أجنحة ولا أقوى على التحليق وكأن روحي مكبلة بالأغلال. أتعلم يوم رحيلك كان الصباح باهتا حزينا، أتاني المعزين من كل حدب وصوب طابت نفسي عندما سمعت ما قالوه عنك، وعن حرصك على تحري الحلال في عملك، هدأت عندما رأيت طلابك يدعون لك بالرحمة والمغفرة.

 خاطرة إلى نبض قلبي الغائب - دموع منسابه تهفو 

خاطرة إلى نبض قلبي الغائب - الفقد
الفقد

عندما أدعو لك أتعجب من نفسي، أحقا رحلت وأنا أدعو لك؟ لا يستوعب كياني رحيلك، أنظر إلى هاتفي كل صباح وانتظر مكالمتك التي كنت تطمئن بها عليَّ، لكن صمت الهاتف إلى الأبد. 

عزاء نفسي أني أعلم أنك بإذن الله في مكان أفضل لأن روحك النقية الطاهرة تستحق كل ماهو جميل، لا أملك حاليا سوى الدعاء لك، عل نفسي بها بعض الصلاح الناتج عما تعلمته منك يا أبي، طيب الله ثراك وجعل قبرك نورا و روضة من رياض الجنة وجعل القرآن الكريم الذي حرصت على مدارسته وتعلمه وتعليمه أنيسا لك في قبرك.

أتمنى أن يقال لك في الدار الآخرة أقرأ ورتل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية كنت تقرأها، تنزلت عليك الرحمات إلى يوم القيامة يا نبض قلبي وجمعني الله بك في ظل عرشه ومستقر رحمته. 

سلامٌ وروحٌ وريحانٌ ورب راض غير غضبان على روحك الطاهرة يا نبض قلبي، سلام عليك إلى أن ألقاك يا أبي. افتقدك بشدة ويؤلمني غيابك، لكنني أدعو أن يبدلك الله دارا خيرا من دارنا وأهلا خيرا منا، ونعيما لا ينفد وقرة عين لا تنقطع، اللهم ارزقني الصبر واربط على قلبي وقلب كل من فقد حبيب غالي لديه.

دمتم بكل ود 

رأيك يهمنا

أحدث أقدم